المسئولية الجنائية والتأديبية للخبراء في ظل القانون القطري (الجزء الثالث)1
(ورقة بحثية مقدمة في ندوة جمعية الخبراء والمحكمين التوعوية الثقافية القطرية)
رابعاً: القواعد والأصول التي يلتزم بها الخبير في ممارسة أعمال الخبرة
1- القواعد الواجب على الخبير الالتزام بها وفق قانون تنظيم أعمال الخبرة
يجب على الخبير في ممارسة عمله، الالتزام بعدة قواعد وفقاً لقانون تنظيم أعمال الخبرة، نصت عليها المادة 17 من هذا القانون بأنه:(يجب على خبير الجدول الالتزام بما يلي:
1- أن يؤدي عمله بنفسه بدقة وأمانة وإخلاص.
2-مراعاة الأصول الفنية لأعمال الخبرة وتقاليدها.
3- عدم إفشاء المعلومات التي يكون قد اطلع عليها بحكم قيامه بأعمال الخبرة.
4- ألا تكون له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في أي عمل يتصل بالموضوع الذي يتولى تقديم الخبرة فيه.
5- ألا تكون الجهة التي يعمل لديها طرفاً في النزاع أو المهمة التي عُهد إليه بتقديم الخبرة فيها.
6- عدم قبول أعمال الخبرة في نزاع سبق لأي طرف من أطرافه أن استشاره فيه، أو اطلع على مستندات تخص ذلك النزاع.
7- أن يقوم بتحديث مهاراته وتطويرها في مجال تخصصه.
8- أن يُقرن اسمه ورقم قيده واسم المكتب الذي يعمل من خلاله في جميع مطبوعاته ومراسلاته والشهادات والتقارير التي يقوم بالتوقيع عليها.
9- إخطار الوزارة بعنوانه، وبكل تغيير يطرأ عليه خلال أسبوع من حصول التغيير.
10- إخطار الوزارة بكل تعديل أو تغيير يطرأ على بيانات القيد خلال أسبوع من حصول ذلك.
11- الاحتفاظ بسجل خاص يدون فيه بيانات أعمال الخبرة التي أنجزها.
12- الاحتفاظ بصورة طبق الأصل من التقارير التي يعدها إلى أن يصدر حكم بات في القضية التي باشر الخبرة فيها، ولمدة خمس سنوات على إتمام العمل موضوع الخبرة المقدمة في غير القضايا).
فهذه الالتزامات يجب على الخبير التقيد بها في ممارسة أعمال الخبرة التي يقوم بها، وفي حال اخلاله بها تقوم مسئوليته. ومن مطالعة قانون تنظيم أعمال الخبرة يتبين أنه أقام في حق الخبير مسئولية تأديبية حال عدم التزامه بالقواعد التي نص عليها في أحكامه، كما أقام كذلك مسئولية جنائية في حقه على التفصيل التالي :
2- المسئولية التأديبية الناشئة للخبير حال مخالفته قواعد تنظيم أعمال الخبرة
بيّن قانون تنظيم أعمال الخبرة المسئولية التأديبية لخبراء الجدول، وخبراء الإدارة، والجزاءات التي يتم توقيعها حال قيام تلك المسئولية، على النحو التال:
(أ) المسئولية التأديبية للخبراء المقيدين بالجدول
تقوم هذه المسئولية وفق نص المادة 19 من قانون تنظيم أعمال الخبرة، في حق خبير الجدول الذي يخل بالقواعد والالتزامات التي يجب عليه الالتزام بها وفق القانون، حيث تم النص على أنه: (يجوز إحالة خبير الجدول إلى المساءلة التأديبية إذا أخل بأي من الالتزامات المفروضة عليه بموجب أحكام هذا القانون أو أخطأ خطأ جسيماً في عمله أو امتنع بغير عذر مقبول عن القيام بعمل كُلف به)
وأورد القانون الجزاءات التي يجوز للجنة قيد الخبراء بوزارة العدل توقيعها على خبير الجدول حال اخلاله بتلك القواعد، حيث نصت المادة 23 من ذات القانون على أنها: (الجزاءات التأديبية التي يجوز للجنة توقيعها على خبراء الجدول، هي:
1- اللوم.
2- وقف القيد لمدة لا تجاوز سنة.
3- شطب القيد من الجدول.
(ب) المسئولية التأديبية لخبراء الإدارة
تقوم هذه المسئولية وفق نص المادة 32 من قانون تنظيم أعمال الخبرة، في حق خبير الوزارة الذي يخل بالقواعد والالتزامات التي يجب عليه الالتزام بها وفق القانون، حيث تم النص على أنه: (مع عدم الإخلال بالتزامات الموظف المنصوص عليها في قانون الموارد البشرية المدنية المشار إليه، يجب على خبير الإدارة الالتزام بما يلي
1- الالتزامات المنصوص عليها في البنود (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 11) من المادة (17) من هذا القانون.
2- عدم الجمع بين وظيفته ومزاولة التجارة أو أي عمل لا يتفق واستقلاله في عمله، ولا يجوز له بغير إذن من الوزير أن يكون مُحكماً، ولو بغير أجر، في أي نزاع يتصل بعمله، ويُحظر عليه تقديم تقارير استشارية، كما يُحظر عليه أن يكون حارساً قضائياً. وللوزير أن يُحدّد بقرار منه الأعمال الأخرى التي يُحظر على خبير الإدارة القيام بها).
وأورد القانون الجزاءات التي يجوز للجنة قيد الخبراء بوزارة العدل توقيعها على خبير الإدارة حال اخلاله بتلك القواعد، حيث نصت المادة 36 من ذات القانون على أن: (الجزاءات التأديبية التي يجوز للجنة توقيعها على خبراء الإدارة، هي:
1- الإنذار.
2- اللوم.
3- الخصم من الراتب مدة لا تجاوز خمسة وأربعين يوماً في السنة على ألا تزيد مدته في المرة الواحدة على خمسة عشر يوماً.
4- الوقف عن العمل مع الحرمان من نصف الراتب مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
5- الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المكافأة أو المعاش، أو كليهما).
كما أورد القانون الجزاءات التي يجوز لسعادة وزير العدل توقيعها على خبير الإدارة حال اخلاله بتلك القواعد، حيث نصت المادة 37 من ذات القانون على أنه: (للوزير أن يوقع على خبراء الإدارة جزاءات الإنذار أو اللوم أو الخصم من الراتب مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة، ويُخطر الخبير بالقرار بخطاب مسجل أو بأي وسيلة أخرى تفيد العلم، وله أن يتظلم إلى الوزير خلال عشرة أيام من تاريخ إخطاره، ويبت الوزير في التظلم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمه. ويُعتبر انقضاء هذه المدة دون رد على التظلم رفضاً ضمنياً له. ويكون قرار البت في التظلم نهائياً)
3 – المسئولية الجنائية الناشئة للخبير
في هذا المقام نفرق بين المسئولية الجنائية في حق الخبير وفق قانون تنظيم أعمال الخبرة، ومسئوليته الجنائية وفق قانون العقوبات، وذلك على التفصيل التالي:
(أ) مسئولية الخبير الجنائية في قانون تنظيم أعمال الخبرة
أورد نص المادة 39 من قانون تنظيم أعمال الخبرة، قيام مسئولية الخبير الجنائية حال تعمده الإضرار بأحد الخصوم، بأن أدى عمله بغير أمانة وإخلاص، وعدم مراعاته للأصول الفنية لأعمال الخبرة، أو أفشى المعلومات التي اطلع عليها بحكم قيامه بأعمال الخبرة. والعقوبة الجنائية التي يتعرض لها الخبير في هذه الحالة، هي الحبس لمدة لا تجاوز سنة وبالغرامة التي لا تزيد على (50,000) خمسين ألف ريال، أو إحدى هاتين العقوبتين
(ب) مسئولية الخبير الجنائية في قانون العقوبات
مما لا شك فيه أن الخبير في أداء عمله يكون في حكم الموظف العام، وفق نص المادة الثالثة من قانون العقوبات، التي نصت على أنه: (ويُعد في حكم الموظف العام: المحكمون والخبراء ومديرو التفليسة والمصفون والحراس القضائيون.)
ومن هذا النص يعاقب الخبير حال ارتكابه جريمة من جرائم المال العام كجريمة الرشوة بالعقوبات المقررة لتلك الجريمة
حيث في حال طلب الخبير أو قبوله، لنفسه أو لغيره، مالاً أو منفعة، أو مجرد وعد بشيء من ذلك، مقابل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الخبرة التي يقوم بها، فإنه يعد مرتشياً ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على ما أعطي له أو وُعد به على ألا تقل عن خمسة آلاف ريال
وفي حال تغيير الخبير للحقيقة أو إخفائه المستندات المؤثرة في الرأي الفني عن عمد، وبالتالي مخالفته للأصول الفنية المتعارف عليها، وعدم أداء عمله بالصدق والأمانة الواجبين، فإنه تقوم مسئوليته الجنائية عن جريمة استعمال السلطة من خبير في حكم الموظف العام، في الإضرار بالطرف الذي لم يصدر في صالحه التقرير وجلب منفعة غير مشروعة لخصمه، المعاقب عليها بالمادة 160 من قانون العقوبات، وجريمة تغيير الحقيقة عمداً في تقرير الخبرة المقدم منه للقضاء المعاقب عليها بنص المادة 172 من قانون العقوبات
حيث تنص المادة 160 من قانون العقوبات على أنه: ("يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل موظف عام استعمل سلطة وظيفته للإضرار بأحد الأفراد، أو لجلب منفعة غير مشروعة له أو للغير")
وتنص المادة 172 من ذات القانون على أنه: (" يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، كل شخص كلف بأداء الشهادة أمام إحدى الجهات القضائية، أو سلطات التحقيق، وحلف اليمين، ثم أدلى بأقوال كاذبة وهو يعلم عدم صحتها، أو أنكر الحقيقة، أو كتم كل أو بعض ما يعرفه ويُعاقب بذات العقوبة كل من كُلّف من إحدى الجهات القضائية، أو سلطات التحقيق، بعمل من أعمال الخبرة، أو الترجمة فغيّر الحقيقة عمداً بأي طريقة كانت")
وما دفع المشـــــــــرع إلى إضافة فئة الخبراء إلى النص الســـــــــابق هو بسبب كثرة لجوء الجهات القضائية إلى ندب الخبراء في المنازعات المعروضة عليهم للاستعانة بهم والاسترشاد ببحوثهم، بيد أنه على الرغم من خضوع تقرير الخبير للسلطة التقديرية للمحكمة، إلا أنه ولما قد تكتســـــــــب هذه الآراء من ثقة عند الفصل في موضوع النزاع المطروح أمامه، لذلك وجد أنه من الضروري وضماناً لسير العدالة، أن يعاقب كل خبير قرر على غير الحقيقة أو أبدى رأياً غير صحيحاً بسوء قصد، لما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة بأعمال السلطة القضائية. لذلك عاقب المشرع على هذه الجريمة بالعقوبات المقررة لشهادة الزور، لأنها لا تقل جسامة بل هي في الواقع أشد ضرراً وأكثر خطورة لصدورها من شخص أولاه القضاء ثقة كبيرة في معاونتها على إرساء الحق والعدل
4 – المشكلات العملية في مسئولية الخبير الجنائية
لما كان تقرير الخبرة يتضمن نتيجة تكون في صالح طرف على حساب طرف آخر، فقد كثرت الشكاوى التي يتم تقديمها ضد الخبراء لهذا السبب، ويدعي فيها الشاكين أن الخبير أخلّ بالالتزامات المفروضة عليه، ولم يلتزم بالأصول الفنية المتعارف عليها، وأنه جامل طرف على حساب الطرف الآخر وهكذا
وهذه الشكاوى تقدم إما إلى إدارة شئون الخبراء بوزارة العدل، أو إلى النيابة العامة، وفي كلتا الحالتين، يتم التحقيق في هذه الشكاوى، وإذا ثبتت صحتها يحال الخبير للمساءلة التأديبية بمخالفته للقواعد والأصول المتعارف عليها والمنصوص بها في قانون تنظيم أعمال الخبرة رقم 16 لسنة 2017. أو يحال للمحاكمة الجنائية بتهمة استعمال السلطة من خبير في حكم الموظف العام، في الإضرار بالطرف الذي لم يصدر في صالحه التقرير وجلب منفعة غير مشروعة لخصمه، المعاقب عليها بالمادة 160 من قانون العقوبات، وكذا جريمة تغيير الحقيقة عمداً في تقرير الخبرة المقدم منه، والمعاقب عليها بنص المادة 172 من قانون العقوبات
وفي رأينا ومن خلال الواقع العملي، فإن ثبوت الاتهام في هذه الحالات يتوافر في حال خروج الخبير عن الثابت في المستندات المقدمة له، وعدم مراعاته الأصول الفنية المتعارف عليها، حيث لو تم تقديم تخالص في نزاع حول المديونية ولم يأخذ به، فإنه تقوم قرينة ودليل على أن الخبير يتعمد الإضرار بمن يشهد له هذا التخالص وتحقيق منفعة غير مشروعة لمن يشهد عليه، وكذا قرينة ودليل على تغييره الحقيقة في تقريره بإخفائه لهذا المستند المؤثر
Footnote
1 ورقة بحثية مقدمة في ندوة جمعية الخبراء والمحكمين التوعوية الثقافية القطرية
The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.