الاعتراف ذو صلة وثيقة بحرية الفرد ،  إذ يأتي في أعلى مراتب الحقوق الإنسانية نظرا لأهميته الكبرى في تحديد المسئولية الجنائية، ولذلك حظي بالعديد من الضمانات خشية أن يكون قد تم تحت إكراه 

وعلى الرغم من أن الاعتراف فى الموروث القضائي هو “سيد الأدلة” و دليل الإثبات الأول فى القانون الجنائي نظرا لأهميته الكبرى فى تحديد المسئولية الجنائية إلا أنه لا يمكن أن يؤخذ به على إطلاقه و التعويل عليه كدليل في الإدانة، اذ قد يكون وليد اكراه او تهديد ، او كاذب بهدف  افلات الفاعل الحقيقي من العقوبة مقابل المال، وغير ذلك من الأسباب غير المشروعة.

وإذا جاز القول بأن شروط الإرادة تصنع المبدأ العام فى الاعتراف فإن الوضوح يصنع حدود هذا المبدأ ولا يمكن الأخذ بإقرار المتهم بصحة التهمة المسندة إليه ما لم يقر صراحة بارتكابه الافعال المكونة لها 

انطلاقا من ذلك، فقد قيدت التشريعات القانونية صحة الاعتراف وإحاطته بسياج من الشروط كفالةً وضماناً لسلامته ،ومن أهم تلك الشروط؛ أن ينصب الاعتراف على الواقعة الإجرامية ذاتها لا على ملابساتها المختلفة ، وأن يكون اعتراف المتهم علي نفسه صادر بحرية وإرادة واعية ومفصلاً كاملاً وشاملاً لكافة ظروف الجريمة خالى من الغموض أو احتمالية التأويل.

ومن ناحية اخرى …إن اعتراف المتهم لا يضع نهاية لإجراءات التحقيق بل أن للمحكمة السلطة المطلقة فى استكمال التحقيق بمعرفتها أو : 

  • الأخذ باعتراف المتهم فى اى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت   قد اطمأنت  الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع
  • عدم الأخذ باعتراف المتهم إذا كان وليد فعل غير مشروع أو إذا لم يكن منصبا على الواقعة المراد إثباتها.

ونشير هنا إلى أحد القضايا التى باشرها مكتبنا ، حيث كانت النيابة العامة قد أحالت للمحاكمة الجنائية عن جريمة الزنا زوجة و شخص قالت انه شريكها فى الجريمة ، و خلال التحقيقات أنكرت الزوجة الجريمة و بررت وجود الشخص بأنه  نجار حضر للمنزل لاصلاح بعض الأغراض ، كما قرر الشخص الآخر المتهم أنه كان موجودا في المنزل وقت التفتيش ….  فقضت المحكمة بأدانتهما على سند من أنها تطمئن للأعتراف.

فتم الطعن من ماهر ميلاد اسكندر المحامي عن المتهمة على هذا الحكم استناداً الى الفساد في الاستدلال اذ أن اعتراف المتهم (الشريك بحسب وصف النيابة) منصب على واقعة وجوده فى المنزل وغير منصب على واقعة الزنا المراد إثباتها ، فقضت المحكمة بنقض الحكم المطعون عليه و قالت في اسباب ذلك انه و أن كان لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في أن تأخذ بالأعتراف أو تجزئ منه الا ان المعول عليه أن يكون الأعتراف منصباً علي الواقعة ذاتها و هو ما خلت منه الأوراق

. رابط القضية https://bit.ly/3b8bCvN

فى النهاية، فإن الهدف من هذا المقال، أن الاعتراف ليس دائما سيد الادلة، قد يكون وليد تهديد او اكراه او سبب غير مشروع ، كما أنه قد لا يكون منصبا على الواقعة المراد إثباتها .

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.