كتابة: أحمد طاهر، مستشار أول.

أصدر حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر حفظه الله القانون رقم (21) لسنة 2021 بإنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، وذلك في سياق جهود الدولة في تطوير بنيتها التشريعية والقضائية بهدف جذب وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وبما يُحقِق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.

وفي هذا السياق، جاء إصدار قانون محكمة الاستثمار والتجارة كأول قانون يتم بموجبه إنشاء محكمة مُتخصصة في منازعات التجارة والاستثمار في دولة قطر. وجاءت مواد إصدار القانون الجديد في أربع مواد، تضمَّنت النص على العمل بأحكام هذا القانون بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وتضمَّنت النص على اختصاص محكمة الاستثمار والتجارة بالفصل في الدعاوى والمنازعات التي أصبحت من اختصاصها والتي تُرفع أمامها من تاريخ العمل بالقانون، وبالتالي النص على استمرار المحاكم الابتدائية في نظر الدعاوى الابتدائية والمنازعات المرفوعة أمامها قبل العمل بهذا القانون.

وكذلك نصت مواد الإصدار على استمرار محكمة الاستئناف في نظر الطعون المرفوعة أمامها قبل ذلك التاريخ في الدعاوى التي أصبحت من اختصاص محكمة الاستثمار والتجارة، كما تستمر محكمة الاستئناف في نظر الطعون التي تُرفع بشأن الأحكام الصادرة في الدعاوى والمنازعات التي أقيمت أمام المحاكم الابتدائية قبل تاريخ العمل بهذا القانون.

كذلك تضمَّنت مواد الإصدار سريان أحكام قانون الوساطة في تسوية المنازعات المدنية والتجارية على الدعاوى التي تختص بها محكمة الاستثمار والتجارة. كما تضمَّنت النص على سريان أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة.

وجاءت مواد القانون في (35) مادة، نتولى عرضها ومناقشة بعضها، فيما يلي:

1- إنشاء المحكمة وتشكيلها وتسيير أعمالها
أنشأ القانون محكمة الاستثمار والتجارة، ككيان قضائي جديد ومُستقل برئاسة قاضٍ لا تقل درجته عن نائب رئيس محكمة الاستئناف، يصدر بتعيينه قرار من المجلس الأعلى للقضاء. ويكون لرئيس المحكمة نائب أو أكثر يتم ندبهم بقرار من المجلس الأعلى للقضاء بناء على اقتراح من رئيس المحكمة، ولا تقل درجته عن الدرجة المقررة للرئيس. ويحل النائب محل الرئيس عند غيابه أو خلوه منصبه، وتحدد أعماله بقرار من رئيس المحكمة.

ومن الناحية الإدارية، يصدر قرار من رئيس المجلس الأعلى للقضاء بتحديد الهيكل الإداري والتنظيمي للمحكمة، حيث سيكون للمحكمة مدير إداري يُعينه رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ويلحق بالجهاز الإداري عدد كافٍ من الموظفين الإداريين والكَتبة والمترجمين، ويتولى رئيس المحكمة توزيع الأعمال بينهم. ومن المتوقع والمأمول، أن يتم تدريب عناصر الهيكل الإداري بالدرجة الكافية قبل إلحاقهم بالعمل بهذه المحكمة المختلفة الأسلوب والإجراءات، وبشكل كبير عن غيرها من المحاكم سواء في الإجراءات المتبعة أمامها أو حتى في آلية التعامل مع القضايا المعروضة عليها.

ونَصَ القانون على أن يكون للمحكمة مقر مستقل، وموازنة خاصة بها تلحق بموازنة المجلس الأعلى للقضاء، ويشرف رئيس المحكمة على إعدادها، وتُعتمد من المجلس الأعلى.

وتتألف محكمة الاستثمار والتجارة من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية، ويكون قضاة المحكمة من بين قضاة المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ويختارهم المجلس الأعلى للقضاء، ويتم توزيع القضاة على الدوائر بقرار من رئيس المحكمة بناء على اقتراح الجمعية العامة للمحكمة.
ونص القانون على تشكيل كل دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية من ثلاثة قضاة، يرأسها أقدمهم، ويمكن ندب أحد قضاة الاستئناف لرئاسة دائرة ابتدائية لمدة سنة يمكن تجديدها.
وتشكل دوائر الاستئناف من ثلاثة قضاة من قضاة الاستئناف، ويرأسها أقدمهم. ويمكن للمجلس ندب أحد قضاة محكمة التمييز لرئاسة دائرة استئنافية من دوائر المحكمة للمدة ذاتها.

2- اختصاصات محكمة الاستثمار والتجارة
وسَّع القانون من اختصاص المحكمة بدائرتها الابتدائية، فباستثناء الدعاوى التي تختص بها الدوائر الإدارية واللجان ذات الاختصاص القضائي، أعطى المشرع الدائرة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاة بمحكمة الاستثمار والتجارة اختصاصاً حصرياً بالحكم ابتدائياً في الدعاوى والمنازعات التجارية المذكورة أدناه:
المنازعات المتعلقة بالعقود التجارية، بما في ذلك عقود التمثيل التجاري والوكالات التجارية.
الدعاوى الناشئة بين التجار المتعلقة بأعمالهم التجارية.
المنازعات الناشئة بين الشركاء أو المساهمين، أو بين أي منهم والشركة بحسب الأحوال، في الشركات التجارية، بما في ذلك شركات المساهمة المدرجة أسهمها للتداول.
المنازعات المتعلقة بالأصول التجارية.
المنازعات المتعلقة باستثمار رأس المال غير القطري.
المنازعات المتعلقة بالبيوع البحرية.
المنازعات المتعلقة بعمليات البنوك والأوراق التجارية وشركات التأمين وشركات التمويل والاستثمار.
منازعات الإفلاس والصلح الواقي منه.
منازعات براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والنماذج الصناعية، والأسرار التجارية، وغيرها من حقوق الملكية.
المنازعات المتعلقة بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ومكافحة الممارسات الضارة بالمنتجات الوطنية في التجارة الدولية.
منازعات التجارة الالكترونية ومعاملاتها.
منازعات عقود الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

ونرى أن هناك توسع واضح في تحديد اختصاص المحكمة بدوائرها الابتدائية، وهو الأمر الذي قد يؤدي تدريجياً إلى إفراغ المحاكم المدنية العادية من عدد كبير جداً من الدعاوى، ولن يتبقى لهذه الأخيرة إلا دعاوى المطالبات المدنية البسيطة. إذ جمع اختصاص المحكمة المشار إليه أعلاه لغالبية القضايا التي تنظرها الدوائر المدنية حالياً، خاصةً إذا أخذنا في الحسبان أن البند الثاني تحديداً والمتضمن اختصاص هذه المحكمة بـ "الدعاوى الناشئة بين التجار المتعلقة بأعمالهم التجارية"، حيث جاء هذا البند من العمومية بمكان، بحيث يمكن أن يدخل في نطاقه جُل الدعاوى، ومنها حتى دعاوى المقاولات والتي يكون أطرافها شركات، فالشركة تاجر وفق قانون التجارة1، ومعظم دعاوى المقاولات تكون بين شركات وتتعلق بأعمالها التجارية، أي نشاطها الذي تمارسه في مجال المقاولات، وهو ما سيترتب عليه إحالة كافة قضايا المقاولات تقريباً2 إلى هذه المحكمة. ولذلك، كان ينبغي النص صراحة على استثناء عقود المقاولات والانشاءات من هذا الاختصاص، أو جعل اختصاص المحكمة مرتبطاً بمنازعات التجار والمستثمرين في مجالات يتم تحديدها على سبيل الحصر، حيث نتوقع حدوث تداخل في هذا السياق بين اختصاصات هذه المحكمة واختصاص الدوائر المدنية، فضلاً عن احتمالية إفراغ المحاكم المذكورة من القضايا بسبب هذا التوسع الكبير في مَد اختصاصات محكمة الاستثمار والتجارة لمعظم المنازعات.

3- إنشاء دائرة من قاض فرد لنظر المنازعات ذات القيمة الأقل وإصدار أوامر الأداء وتظلماتها
أجاز القانون أن تتولى دائرة ابتدائية أو أكثر مُشكَّلة من قاض فرد الفصل في الدعاوى والمنازعات المتعلقة بمسائل الاستثمار والتجارة التي يحددها المجلس والتي لا تتجاوز قيمتها عشرة ملايين ريال.

وتختص هذه الدائرة دون غيرها بإصدار أوامر الأداء أيًا كانت قيمتها، ودون الحاجة لتكليف المدين بالوفاء، كما تختص بالفصل في التظلمات الواردة على هذه الأوامر.

وعلى الرغم من استخدام القانون للفظ "يجوز" فيما يخص الدائرة المذكورة، إلا إن القانون عاد وأفرد اختصاصاً حصرياً لها بنظر أوامر الأداء والتظلمات منها، وهو ما يعني أن وجود هذه الدائرة أصبح وجوبياً وليس جوازياً كما ورد بالنص.

كذلك فالمبلغ المحدد كحد أقصى كقيمة للمسائل التي تنظرها هذه الدائرة بقاضيها الفرد، وهو مبلغ عشرة ملايين ريال، يظل كبيراً، وكان من المناسب أن يكون هذا المبلغ أقل من ذلك، بشكل يقارب ما هو معمول به بالنسبة للاختصاص القيمي للدوائر المدنية حالياً.

4- قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة
نَصَ القانون على تعين قاض أو أكثر من بين قضاة المحكمة، يختاره الرئيس، كقاضي أمور مستعجلة، على أن يكون ذلك القاضي المختار بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية على الأقل، وذلك للحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق، في المسائل المستعجلة التي يُخشى عليها من فوات الوقت.

ويختص هذا القاضي بإصدار الأوامر على عرائض والأوامر الوقتية.

ويكون الطعن في الأحكام والتظلم من الأوامر الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة أمام إحدى دوائر المحكمة الابتدائية، ويكون حكمها غير قابل للطعن.
ولا يمنع ذلك من اختصاص دوائر المحكمة الابتدائية بالمسائل المستعجلة وطلبات الأوامر على عرائض والأوامر الوقتية إذا رفعت إليها بطريق التبعية، ويطعن عليها في هذه الحالة أمام الدوائر الاستئنافية، ويكون حكمها غير قابل للطعن.

ومن الملاحظ هنا، عدم تحديد مدة معينة للفصل في هذه المسائل المستعجلة، والتي تفترض الاستعجال، وذلك بخلاف ما فعل المشرع فيما يخص الدعاوى الموضوعية. وكان من المناسب وضع حد زمني قصير لقاضي الأمور المستعجلة للفصل في كل ما يُعرَض عليه من مسائل وطلبات.

جديرُّ بالذكر أن القانون لم ينص على النفاذ المُعجَّل لأحكام الدوائر الابتدائية بمحكمة الاستثمار والتجارة، وهو ما يلزم معه العودة لحكم القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك وفق المادة الرابعة من مواد إصدار القانون محل التعليق. ولذلك، يكون الأصل هو عدم اكتساب أحكام هذه المحكمة الابتدائية للنفاذ المُعجَّل كأصلٍ عام مع مراعاة الاستثناءات الواردة بقانون المرافعات المشار إليه.

5- اختصاص الدوائر الاستئنافية بالمحكمة وميعاد الاستئناف
تختص هذه الدوائر بالفصل في الاستئنافات التي ترفع إليها بشأن الأحكام وأوامر الأداء الصادرة من الدوائر الابتدائية، وكذلك بالفصل في استئنافات الأوامر الوقتية الصادرة من الدوائر الابتدائية والتي تكون مرفوعة إليها بطريق التبعية.

وتستأنف الأحكام أمام هذه الدوائر خلال (15) يوم من تاريخ إعلان ذوي الشأن بالحكم أو الأمر. وميعاد الاستئناف على الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على عرائض والأوامر الوقتية سبعة أيام من تاريخ الإعلان.

6- إنشاء دائرة بمحكمة التمييز لنظر الطعون الخاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية
نَصَ القانون على إنشاء دائرة جديدة بمحكمة التمييز، تكون مختصة بالفصل في الطعون في الأحكام الصادرة عن دوائر الاستئناف بمحكمة الاستثمار والتجارة، وجعل ميعاد الطعن أمام هذه الدائرة ثلاثين يوم فقط من تاريخ الإعلان بالحكم، ويكون الإعلان حسب القواعد التي حددها القانون. وأوجب القانون على محكمة التمييز أن تحكم في الموضوع حال قضت بتمييز الحكم.

وعليه، فلن تكون محكمة التمييز بحاجة إلى إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة عن تلك التي أصدرت الحكم الذي تم تمييزه، وإنما تتصدى للموضوع وتفصل فيه برمته. وإذا رأت المحكمة عدم قبول الطعن تقضي بذلك في غرفة المشورة، وذلك كله وفق الإجراءات التي نظمها القانون رقم (12) لسنة 2005 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية والذي أحال إليه هذا القانون، فيما لم يرد بشأنه نص خاص، وفق نص المادة (4) من مواد إصداره.

7- إنشاء نظام الكتروني للمحكمة
نص القانون على إنشاء نظام الكتروني للمحكمة يتم من خلاله قيد الدعاوى والطلبات والأوامر وغيرها في كافة المسائل التي تختص بها المحكمة، وكذلك يتم من خلاله تقديم الطعون والتظلمات.

ويكون تقديم الطلبات وصحف الدعاوى والطعون وغيرها من خلال الإيداع الالكتروني وكذلك سداد الرسم يتم بشكل الكتروني.

ويتضح أن المشرع في هذا القانون، قد عوَّل بشكل كبير على الطريق الالكتروني منذ بداية تقديم الدعوى أو الطلب، وإعلانه، والتعقيب عليه، وصدور أحكام وقرارات، وإعلانها، والطعن عليها، وحتى صدور حكم نهائي وبات. ولذلك، فإننا لا نبالغ في القول بأن نجاح عمل هذه المحكمة سيتوقف بشكل أساسي على نجاح النظام الالكتروني الخاص بها، وهو ما نأمل معه أن يتم تصميم هذا النظام بشكل بالغ الدقة، حيث أن أي خلل أو فشل في هذا النظام سينعكس بالسلب على كافة أعمال المحكمة، وهو أمر سيكون معه الاضطرار إلى اللجوء لاستخدام نص المادة (33) من القانون، والتي أجازت في حال تعذر الإجراءات الالكترونية العودة إلى الإجراءات الواردة بقانون المرافعات، وذلك أمر سيتعارض مع طبيعة العمل الالكتروني التي اختص بها المشرع هذه المحكمة.

8- الإعلانات
نَصَ القانون على اعتماد العنوان الوطني في الإعلان. ويعتبر إعلان المعلَن إليه صحيحاً إذا تم على أحد بيانات العنوان الوطني. وأجاز القانون للمحكمة أن تُعلِن أي شخص داخل أو خارج الدولة سواء في موطنه أو في مكان عمله بأي طريق تراه مناسباً. وأحال القانون للمجلس لوضع ضوابط طرق الإعلان في هذه الحالة.

ونأمل أن يأتي قرار المجلس الأعلى بشأن ضوابط الإعلان متناسباً مع التوجه العام في هذا القانون، والذي يسير في اتجاه تيسير إجراءات الإعلان وتذليلها بحيث لا تقف إجراءات الإعلان عقبة أمام السرعة المطلوبة في التعامل مع الدعاوى والطلبات في هذه المحكمة.

9- مكتب إدارة الدعوى وتسلسل الإجراءات
أنشأ القانون مكتب إدارة الدعوى بالمحكمة، ويتألف من رئيس من بين قضاة المحكمة وعضوية عدد كافٍ من القضاة ومساعدي القضاة والقانونيين والاداريين، يتم اختيارهم من جانب رئيس المحكمة. ومَنَح القانون لمكتب إدارة الدعوى الحق في الاستعانة بمن يرى الاستعانة بهم من الخبراء والمتخصصين، كما أجاز القانون تعيين عدد من الاستشاريين لمعاونة رئيس مكتب إدارة الدعوى، وأحال بشأن إجراءات وآليات العمل بالمكتب إلى قرار يصدره المجلس الأعلى للقضاء. ولم يُحدِد القانون المقصود بالاستشاريين الذين يمكن الاستعانة بهم لمعاونة رئيس المكتب، خاصة أن القانون نص على إمكانية الاستعانة بعدد من الخبراء والمتخصصين.

وأناط القانون بمكتب إدارة الدعوى، مباشرة إجراءات تهيئة الدعوى على الفور وخلال ثلاثة أيام من قيدها وسداد رسومها، وذلك بالتحقق من استيفاء مستنداتها، وصحة أسماء الخصوم، وبيانات الأطراف والعناوين الخاصة بهم، والترجمة لأي مستندات مُحررة بغير اللغة العربية، وبيانات الشهود، وفي حال كانت هذه المتطلبات غير مستوفية، يقوم المكتب بإخطار المدعي بشكل الكتروني لاستكمال النواقص خلال عشرة أيام من تاريخ اخطاره.

وبعد استيفاء كافة المستندات والرسوم والبيانات، يقوم مكتب إدارة الدعوى، بإعلان الصحيفة ومستنداتها بشكل إلكتروني للمدعى عليه أو مَن يُمثله على عنوانه الوطني، وذلك خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ استيفاء المتطلبات المشار إليها.

وأوجَب القانون على مكتب إدارة الدعوى إحالتها إلى الدائرة المختصة باستصدار أوامر الأداء، وذلك إذا تبين له أن الدعوى المعروضة مما يجوز إصدار أمر أداء بشأنها.

وبعد إعلان المدعى عليه، وفق الطريقة المُبينة، يجب عليه خلال ثلاثين يوم من تاريخ إعلانه، أن يقدم رده بشكل إلكتروني إلى المكتب، وأن يُرفِق المستندات المؤيدة لرده وترجمة أي مستند محرر بغير اللغة العربية، وبيان الشهود إن كان لذلك مقتضى، ويجب أن يتضمن رد المدعى عليه الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع وكافة الطلبات التي قدمها المدعي.

وخلال ثلاثة أيام من ورود رد المدعى عليه، يجب على المكتب إعلان المدعي أو مَن يُمثله قانوناً بذلك الرد، ويكون للأخير أن يُقدِم بشكل إلكتروني رداً على رد المدعى عليه، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بورود رد المدعى عليه، ثم يكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي مرة أخرى، وذلك بشكل الكتروني خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بتعقيب المدعي على تعقيبه.

ونص القانون على إمكانية تقصير أو تمديد المدد المنصوص عليها أعلاه، وذلك بقرار من رئيس المكتب أو من الدائرة المختصة بحسب الأحوال، وذلك إذا وجدت أسباب جدية تدعو لذلك. ولكن وفي كل الأحوال، لا يجوز أن يزيد مجموع مدد التمديد عن خمسة وأربعين يوماً.
وإذا انتهت المدد المنصوص عليها، وأي تقصير أو تمديد، لا يجوز لأي من أطراف الدعوى، أن يقدم أية مذكرات أو مستندات أو طلبات جديدة، ما لم تُجز المحكمة تقديم أي من ذلك لأسباب جدية تُقدرها، وفي هذه الحالة تُحدِد المحكمة مُهلة للتقديم وللرد إن كان لذلك مقتضى.

ولمكتب إدارة الدعوى أثناء مباشرة عمله، أن يرفع أي أمر يتعلق بالنزاع إلى المحكمة للبَت فيه.
ونرى أن المشرع قد أحسَن بتنظيمه لمكتب إدارة الدعوى في هذه المحكمة، وذلك من أجل العمل على تهيئة وتجهيز الدعوى قبل عرضها على المحكمة. ونرى أنه كان من المناسب أن يكون هناك رأي استشاري لمكتب إدارة الدعوى بشأن ما يُعرَض عليه، بحيث يكون له تقديم تقرير عما تم في الدعوى من إجراءات منذ البداية وحتى تاريخ الإحالة، مع بيان رأيه بشأن الطلبات والدفاع والدفوع التي قدمت إليه من أطراف الدعوى، وعلى أن يكون الرأي المقدم من المكتب صادر من عدد معين من قضاة المكتب وأن يظل هذا الرأي استشارياً وغير ملزم للمحكمة.

10- إحالة الملف من مكتب إدارة الدعوى إلى المحكمة والإجراءات المتبعة أمامها
أوجَب القانون على المكتب إحالة الملف إلى الدائرة المختصة، وذلك بشكل إلكتروني، وذلك في اليوم الأول لانتهاء الإجراءات أمام المكتب، ويكون على المحكمة إذا رأت أن الموضوع يستدعي إصدار حكم تمهيدي، أن تُصدر هذا الحكم خلال عشرة أيام من تاريخ الإحالة إليها.

وإذا قررت المحكمة تحديد موعد لنظر الجلسة أمامها، فيكون ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإحالة.
وفي كل الأحوال، أوجَب القانون على الدائرة المُحال إليها النزاع، أن تفصل في الدعوى خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوماً من الإحالة، ويمكن لها فقط أن تُمدِد هذه المُهلة لمدة خمسة وأربعين يوماً أخرى إذا كانت هناك أسباب جدية تٌقدِرها المحكمة.

وأجاز القانون للمحكمة، إذا رأت استيفاء بعض المستندات أو البيانات للفصل في الدعوى، أن تُخطِر الطرف المعني لتقديمها إلكترونياً خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ طلب المحكمة لها، أو أي مُهلة أخرى تحددها المحكمة.

وللمحكمة أن تسمح لأي من أطراف الدعوى أو مُمثليهم أو الشهود أو الخبراء، بالحضور أمامها، ويكون ذلك عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية المرئية، وبعد التحقق من هوية الحاضر.
وأجاز القانون لأي من الأطراف، أن يُودِع تقرير خبرة في الدعوى، وذلك بشكل إلكتروني، قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة، ولا يكون إيداع هذا التقرير من جانب أي منهم بعد الإحالة إلا بمُوافقة مُسبَّقة من المحكمة.

ويجب أن تسمح المحكمة للطرف الآخر، بالتعقيب على التقرير المقدم من خصمه، وذلك بشكل إلكتروني خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ اخطاره بإيداع التقرير، ويُمكن مَدّ هذه المُهلة لمدة مماثلة ما لم يكن قد سبق للخصم التعقيب على هذا التقرير.

وقد أحسن القانون إذ لم يشترط أن يكون التقرير المشار إليه مُعَّد من جانب خبير من الخبراء المقيدين بجدول الخبراء.
وللمحكمة ندب خبير في الدعوى، ولها أن تُقر اسم الخبير المتفق عليه من الأطراف، وإلا ندبت خبير آخر حال عدم الاتفاق، ولا يشترط أن يكون الخبير المنتدب من خبراء الجدول، وبذلك يكون للمحكمة مجال واسع في الاختيار غير مقيدة بخبراء الجدول، بما يمنحها والأطراف سعة في اختيار أنسَب الخبراء بحسب المهمة المطلوبة.

وعلى الخبير أن يُودِع تقريره إلكترونياً ملف الدعوى خلال المدة التي تُحددها له المحكمة على ألا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ ندبه، ويمكن للمحكمة إن كان لذلك مقتضى، ان تُقرِر مَد هذه المدة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً لإيداع التقرير النهائي.

ويكون للأطراف، التعقيب على التقرير بشكل الكتروني، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطارهم بإيداعه، ويمكن للمحكمة أن تمد هذه المدة لمدة أخرى مماثلة.
وفي كل الأحوال، لا يجوز تأجيل نظر الدعوى أكثر من مرة للسبب ذاته، وبشرط ألا تتجاوز فترة التأجيل خمسة عشر يوماً، ولا يكون التأجيل إلا بسبب ظروف استثنائية أو غير متوقعة.

وتفصل المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الأطراف في المسائل المتعلقة بالاختصاص وشروط قبول الدعوى وكافة الدفوع الشكلية قبل الفصل في الموضوع.
ويجوز للمحكمة اتخاذ ما تراه من تدابير كطلب إيضاحات خاصة بهذه المسائل، ولا يكون للمحكمة أن تندب خبيراً في الدعوى قبل أن تفصل في هذه المسائل.

وتُعلِن المحكمة الأطراف، بشكل إلكتروني، بالأحكام والقرارات التي تُصدرها في الدعوى، ويكون من حق الأطراف الحصول على أصل ورقي من تلك الأحكام والقرارات.
ويعتبر الحكم المُنهي للخصومة، حضورياً في مواجهة المدعى عليه، وذلك إذا حضر المدعى عليه أو مُمثله القانوني في أي جلسة أو قدم المستندات والمذكرات إلكترونياً، أو تم إعلانه بشكل صحيح.

وقد جاء تسلسل الإجراءات أمام المحكمة على نحو يتماشى مع طبيعة هذه المنازعات والغاية من إنشاء المحكمة، بحيث تكون الإجراءات سَلِسة وإلكترونية وسريعة مع تأكيد لمبدأ المواجهة بين الخصوم، ونأمل أن يكون الواقع العملي أمام هذه المحكمة متوافقاً ومتسقاً مع ما جاءت به نصوص القانون، بحيث تتحقق الغاية المأمولة من إنشاء المحكمة.

11- تنفيذ أحكام المحكمة
نَص القانون على اختصاص قاضي أو أكثر بالتنفيذ (قاضي التنفيذ) والذي يتم ندبه من المجلس الأعلى للقضاء لمدة سنة قابلة للتجديد، يتم تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة تحت إشرافه. ويختص قاضي التنفيذ بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت، وبإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ.
ويُمكن التظلم من قرارات وأوامر قاضي التنفيذ أمام دوائر المحكمة الاستئنافية والتي يكون حكمها غير قابل للطعن عليه.

ويلحق بالمحكمة عدد كافٍ من الموظفين تكون لهم صفة الضبطية القضائية في الجرائم التي ترتكب في دائرة عملهم، ويندب للمحكمة عدد كافٍ من ضباط وأفراد الشرطة.
ومن حق المدين، الاستعلام الكترونياً عن طلب التنفيذ المقدم ضده والمبالغ المستحقة، ويمكنه تسديدها الكترونياً. وبعد تمام التنفيذ، تلغى بشكل تلقائي كافة القرارات والأوامر الصادرة في التنفيذ.

ومن الملاحظ هنا، أن القانون لم ينص على مُدد معينة أمام قاضي التنفيذ، وكان من الأجدر النص صراحة على مدد قصيرة يتم فيها الانتهاء من تنفيذ الأحكام وصدور القرارات والأحكام من قاضي التنفيذ، وذلك كحال كافة الإجراءات أمام المحكمة، خاصةً أن التنفيذ هو ثمرة النزاع ومن المناسب حسم اجراءاته بشكل أكثر دقة.

كذلك ورد النص فقط على التظلم من القرارات والأوامر التي يُصدرها قاضي التنفيذ بحيث تكون أمام الدوائر الاستئنافية، ولم يرد النص على الطعن في الأحكام التي تصدر من قاضي التنفيذ، لاسيما إنه يختص وكما ورد بنص المادة (32) من القانون، بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت، وهو أمر لازمه صدور أحكام من قاضي التنفيذ في بعض المسائل. ولكن المشرع عالج التظلم من القرارات والأوامر دون الطعن في الأحكام، وهنا يثور التساؤل بشأن ما يُصدره قاضي التنفيذ من أحكام، وهل سيكون التعامل بها بالتظلم أم بالطعن أم بطريق آخر؟

ونرى أن النص وإن كان قد أغفَل هذه المسألة، إلا إن ما جاء به بشأن التظلم، إنما يُعالِج فقط ما يصدر عن قاضي التنفيذ من قرارات وأوامر متعلقة بشأن التنفيذ، أما الأحكام التي تصدر عن قاضي التنفيذ، فتحكمها القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات المدنية والتجارية، والتي أحالت إليها المادة الرابعة من مواد إصدار هذا القانون الجديد، بحيث يكون الطعن على أحكام قاضي التنفيذ أمام محكمة الاستئناف بالمحكمة وفق الإجراءات التي نُظمت في هذا الشأن في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

12- جواز تطبيق إجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية بدلاً عن الإجراءات الالكترونية
أجاز القانون للمحكمة ولمكتب إدارة الدعوى، بحسب الأحوال، تطبيق الأحكام المعمول بها في قانون المرافعات المدنية والتجارية بدلاً عن الإجراءات الالكترونية المنصوص عليها في قانون محكمة الاستثمار والتجارة، وذلك حال تعذر تطبيق هذه الإجراءات الالكترونية، مع مراعاة المدد التي نَصَ عليها.

وهذا ما أشرنا إليه عند الحديث عن الطريق الإلكتروني الذي اختطه هذا القانون لنفسه في سائر الأعمال والإجراءات، والذي نأمل أن يتم على النحو المطلوب ولا يكون هناك حاجة لاستخدام هذه الرخصة الواردة بالمادة (33) من هذا القانون باللجوء إلى إجراءات قانون المرافعات، ولكنه يظل حلاً موجوداً لعلاج ما يمكن أن يحدث من مشكلات تقنية أمام المحكمة.

كانت هذه أهم ملامح أحكام قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، والتي عرَجنا عليها وناقشنا بعضها، ونأمَل أن يتم خلال المدة المحددة لسريان القانون، الانتهاء من كافة الإجراءات الهيكلية والإلكترونية اللازمة لبدء العمل الفعلي لمحكمة الاستثمار والتجارة، والتي بلا شك، ستكون إضافة كبيرة للنظام القضائي في دولة قطر، وستُمثِل بحول الله تعالى وسيلة فعَّالة وقوية في سرعة الفصل في منازعات الاستثمار والتجارة، بما ينعكس بالإيجاب على زيادة فعالية التقاضي أمام هذه المحكمة المتخصصة، وهو أمرُّ لا تخفى أهميته في تشجيع وتدعيم خطط الدولة الاستثمارية.

1 – تنص الفقرة (2) من المادة (12) من قانون التجارة رقم (27) لسنة 2006 على أن:
("كما يعتبر تاجراً كل شركة تجارية، وكل شركة تتخذ الشكل التجاري، ولو كانت تزاول أعمالاً غير تجارية")

2 – تنص المادة (4) من قانون التجارة أيضاً على أن: ("تعد، بوجه خاص، أعمالاً تجارية، الأعمال الآتية:..
6- مقاولات الأعمال")
وتنص المادة (5) منه على أن:
("تعد أعمالاً تجارية الأعمال الآتية إذا تمت على وجه الاحتراف:
16- الأعمال المتعلقة بمقاولات التشييد والإنشاءات وترميمها وهدمها.

Originally published November 29, 2021 .

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.