أرست الدائرة المدنية بمحكمة التمييز بموجب حكمها الصادر في الطعن بالتمييز رقم 936 لسنة 20220 بجلسة 31/1/2023 مبدأً مفاده أن: (الدعوة لاجتماع الجمعية العامة للشركة، التي تصدر من الشركة بناءً على طلب أحد المساهمين الذين يملكون 10% من رأس مال الشركة، بعد موافقة إدارة شئون الشركات بوزارة والصناعة صحيحة، ولو كان مجلس إدارة الشركة قد صدرت أحكام نهائية باتة ببطلان انتخابه وفق نص الفقرة الثانية من المادة 124 من قانون الشركات”).

وكانت وقائع الدعوى محل هذا المبدأ تخلص في أن أحد شركات المساهمة العامة، صدرت أحكام نهائية وباتة ببطلان انتخاب مجلس إدارتها، وكانت تلك الشركة ترغب في الدعوة لعقد اجتماع جمعية عامة لانتخاب مجلس إدارة جديد، وتعديل النظام الأساسي للشركة، فتقدم أحد المساهمين بتلك الشركة إلى مجلس الإدارة المقضي ببطلان انتخابه ليقوم بتوجيه الدعوة لهذا الغرض، ولكن هذا المجلس امتنع عن توجيه الدعوة بسبب بطلان انتخابه. فتقدم المساهم إلى إدارة شئون الشركات بوزارة التجارة والصناعة لكي تقوم بتوجيه الدعوة لعقد اجتماع الجمعية العامة أو الموافقة على توجيه الدعوة على نفقة الشركة. وقد صدرت موافقة من الإدارة المذكورة على توجيه الدعوة، فقام المساهم بطلب توجيه الدعوة لعقد الاجتماع على موقع الشركة، فتم ذلك، وتم توجيه الدعوة وعقد الاجتماع. إلا أن أحد المساهمين بالشركة قام برفع الدعوى رقم 356/2022 تجاري كلي بالطعن بالبطلان على تلك الدعوة والاجتماع الذي عُقد بناءً عليها، فقضت محكمة أول درجة ببطلان الدعوة لعقد الاجتماع وبطلان ما ترتب عليها من آثار. فتم استئناف هذا الحكم برقم 673/2022 استئناف مدني، وفيه قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء مجدداً برفض الدعوى. فتم الطعن على هذا الحكم بطريق التمييز رقم 936/2022 تمييز مدني، الذي أرست فيه محكمة التمييز المبدأ محل التعليق.

وقد استندت محكمة التمييز في حكمها المتقدم إلى إعمال نصوص المواد 1231، 1242، 1253 من قانون الشركات التجارية رقم 11/2015. حيث من خلال تلك النصوص، قررت بأن مجلس الإدارة ليس الجهة الوحيدة التي يمكنها دعوة الجمعية العامة للاجتماع إذ يمكن لمساهمين يمثلون (10%) من رأس مال الشركة بالنسبة للجمعية العامة العادية ونسبة (25%) بالنسبة للجمعية العامة غير العادية أن يتقدموا إلى إدارة شئون الشركات بوزارة التجارة والصناعة لتوجيه الدعوة على نفقة الشركة، وأن موافقة تلك الإدارة على توجيه الدعوة كافٍ لكي يتم الإعلان عنها على موقع الشركة، ولا يوجد بطلان في هذا وفق ما تم النعي به في هذه الدعوى.

حيث أنه من القواعد الأصولية في التأويل أن: “الأمر إذا ضاق اتسع” وأن: “المشقة تجلب التيسير”، بما يعني أنه إذا دعت الضرورة لتأويل القانون جاز التيسير في شدته، ولا يكون التأويل داعياً لزيادة التضييق أبداً، وأن النص بالمادة 124/2 من قانون الشركات المعدل بالقانون 8/2021 بأنه: (ويتعين على المجلس كذلك دعوة الجمعية العامة للانعقاد متى طَلب إليه ذلك مساهم أو مساهمون يملكون ما لا يقل عن (10%) من رأس المال، ولأسباب جدية، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الطلب، وإلا قامت الإدارة بالموافقة على طلب هؤلاء المساهمين بتوجيه الدعوة على نفقة الشركة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلام الطلب، ويقتصر جدول الأعمال في هاتين الحالتين على موضوع الطلب)، يدل على أنه من الممكن أن تقع دعوة الجمعية العامة للانعقاد، إذا لم تصدر الدعوة من جهة مجلس الإدارة – وذلك بموافقة الإدارة – أي الوحدة الإدارية المختصة بالوزارة، بناءً على طلب أحد المساهمين، وتكون إجراءات الدعوة على نفقة الشركة دون الوقوف على تدخل مجلس إدارة الشركة. والقول بخلاف ذلك ينزع عن هذه الفقرة أي معنى، إذ بعدما أورد قانون الشركات التجارية نظام الدعوة العادية بالمادة (123) منه، وهي انعقاد اجتماع الجمعية العامة بدعوة من مجلس الإدارة، وذكر بالفقرة الأولى من المادة (124) أن لمراقب الحسابات توجيه الدعوة مباشرة بعد موافقة الإدارة، وتخلف مجلس الإدارة عن توجيهها، وبالفقرة الثانية من المادة (124) منه إلى جواز أن توجه الدعوة مباشرة على نفقة الشركة بعد موافقة الإدارة، وتخلف مجلس الإدارة للاستجابة لطلب أحد المساهمين. وقد مكن المشرع من التيسير في إجراءات انعقاد الجمعية العامة طبق الإجراءات الواردة في المادة (124) فقرة ثانية، سابقة الذكر. إذ بعدما كان يشترط توفر أسباباً جدية لدعوة المساهم لانعقاد الجمعية العامة وتدخل الإدارة للموافقة على طلب المساهمين عند الاقتضاء، أورد القانون رقم (8) لسنة 2021 تعديلاً على هذه الفقرة بأن ألغى شرط “الأسباب الجدية” ونص صراحة على قيام الإدارة بالموافقة على طلب توجيه الدعوة على نفقة الشركة، وذلك عند تخلف مجلس الإدارة، ومع بقاء بقية ما جاء بالمادة (124) نافذة في جميع الأحوال.

وأنه لما كان النص بالمادة (125) من قانون الشركات يجيز للإدارة في الحالات الواردة حصراً به بتوجيه الدعوة مباشرة لعقد الاجتماع، إلا أن هناك فارق بين هذه الحالة وبين الحالة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة (124) من ذات القانون، إذ أن الفقرة الأخيرة لها معنى خاص مفاده أن يتخلف مجلس الإدارة عن الاستجابة لطلب المساهم لانعقاد الجمعية العامة فتوجه الدعوة مباشرة على نفقة الشركة بمجرد موافقة الإدارة على توجيه الدعوة، خاصة إذا لم تبادر الإدارة بتوجيه الدعوة مباشرة طبق الحالات التي أوردها المشرع بالمادة (125) حصراً.

وأنه لما كان الثابت بالأوراق، أن الشركة قد وجهت الدعوة لعقد الاجتماع وفق نص المادة (124/2) من قانون الشركات، بعد موافقة الإدارة على طلب المساهم المالك للنسبة المنصوص عليها، بعدما استحال على مجلس الإدارة توجيه الدعوة بسبب صدور أحكام قضائية ببطلان انتخابه، وتخلفت الإدارة عن توجيه الدعوة مباشرة وفق نص الماد (125) من ذات القانون، فإن النعي بالبطلان على هذه الدعوة في غير محله، وهو ما انتهى إليه الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وعليه قضت المحكمة برفض الطعن.

ومن وجهة نظرنا فإن هذا القضاء يأتي ترسيخاً لمبدأ عدم التوسع في البطلان طالما تحققت الغاية من الإجراء المطلوب ابطاله، إذ أن البطلان لم يشرع ليكون سيفاً مسلطاً على الإجراءات، بل تم تشريعه ليكون في خدمة الحق. وعليه هدف المشرع للإقلال من دواعي البطلان، بتغليب موجبات صحة الإجراءات واكتمالها، على أسباب بطلانها أو قصورها، على اعتبار أن الغاية من الإجراءات هو وضعها في خدمة الحق، وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه، لا تسليط الباطل على الصحيح فيبطله.

وأنه لما كانت الشركة مكونة من رأس مال يملكه شركاء، وهم في شركة المساهمة العامة المساهمين، فإنهم كملاك يستطيعون التصرف والاستغلال لملكهم بالشكل الذي يوافق صحيح الاتفاق بعقد التأسيس والقانون المعني وهو قانون الشركات، وأي مخالفات للإجراءات يتم تصحيحها وتصويبها بقرارات الجمعية العامة للشركة، وعلى هذا فإن قانون الشركات يقبل في كل أحواله توفيق الأوضاع، بقرارات يصدرها المساهمون في حضور وتحت رقابة الإدارة المختصة والقضاء.

وعليه، فلو بطل اجتماع جمعية لعدم مراعاة الشكل، وتم عرض بنود هذا الاجتماع على المساهمين في جمعية عامة للشركة، ووافقوا على هذا المضمون، حتى ولو كانت الدعوة لهذا الاجتماع لم تراع الشكل القانوني أو كان بها عيب، فإن الغاية لو تحققت بحضور هؤلاء المساهمين الذين يملكون أخذ القرارات، فإن الاجتماع وما يتم اتخاذه فيه صحيحاً عملاً بمبدأ تحقق الغاية من الإجراء، الذي نصت عليه المادة 16 من قانون المرافعات بقوله: (“يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق لغاية الإجراء”).

وقد تواترت أحكام محكمة التمييز القطرية4 – الحريصة على استقرار المعاملات في المجتمع – في هذا الصدد على: (“إن البطلان لا يُقضى به رغم النص عليه إذا تحققت الغاية من الإجراء المعيب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 16 من قانون المرافعات”).

كما استقرت أحكام التمييز على أن: (“البطلان المترتب على ما يشوب الإجراء من عيب. زواله بتحقق الغاية من الإجراء. المقرر بنص المادة 16 من قانون المرافعات يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق لغاية الإجراء. مفاده أن البطلان مترتب على ما يشوب الإجراء من عيب إنما يكون في الحالات التي لا تتحقق الغاية منه، فإذا ما تحققت الغاية من الإجراء فلا محل للحكم بالبطلان“).

وخلاصة المبدأ محل التعليق، أن تقاعس مجلس إدارة الشركة عن الدعوة لاجتماع الجمعية العامة لأي سبب، يعطي الحق للمساهم الذي يملك 10% من رأس مال الشركة، أن يتوجه إلى إدارة شئون الشركات بوزارة التجارة والصناعة بطلب الموافقة على توجيه الدعوة على نفقة الشركة، وأن موافقة تلك الإدارة على توجيه الدعوة، يجعل من نشرها على موقع الشركة أو قيام الشركة بنشرها على موقعها وتوجيهها للمساهمين، صحيحاً لا بطلان فيه. حيث أن الدعوة لعقد اجتماع الجمعية العامة للشركة وفق نصوص المواد 123، 124، 125 من قانون الشركات ليست حكراً على مجلس الإدارة، بل يجوز لمراقب حسابات الشركة ولإدارة شئون الشركات، وكذا المساهم الذي يملك 10% من رأس المال أن يقوموا بتوجيه الدعوة وفق إعمال محكمة التمييز لهذه النصوص.


1. المادة 123 من قانون الشركات رقم 11/2015 تنص على أن (تنعقد الجمعية العامة بدعوة من مجلس الإدارة مرة على الأقل في السنة، وفي المكان والزمان اللذين يحددهما المجلس بعد موافقة الإدارة، ويجب أن يكون الانعقاد خلال الشهور الأربعة التالية لنهاية السنة المالية للشركة. ولمجلس الإدارة دعوة الجمعية كلما دعت الحاجة لذلك).
2. المادة 124 من قانون الشركات رقم 11/2015 تنص على أن (على مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة للانعقاد متى طلب إليه ذلك مراقب الحسابات، فإذا لم يقم المجلس بتوجيه الدعوة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الطلب، جاز لمراقب الحسابات توجيه الدعوة مباشرة بعد موافقة الإدارة، ويجب على الإدارة أن تبت في الطلب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلامه.
ويتعين على المجلس كذلك دعوة الجمعية العامة للانعقاد متى طَلب إليه ذلك مساهم أو مساهمون يملكون ما لا يقل عن (10%) من رأس المال، ولأسباب جدية، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الطلب، وإلا قامت الإدارة بالموافقة على طلب هؤلاء المساهمين بتوجيه الدعوة على نفقة الشركة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلام الطلب، ويقتصر جدول الأعمال في هاتين الحالتين على موضوع الطلب).
3. المادة 125 من قانون الشركات رقم 11/2015 تنص على أنه: (مع مراعاة أحكام المادتين (88) و(124) من هذا القانون، تدعو الإدارة إلى انعقاد الجمعية العامة للشركة في الحالات التالية:
1- إذا مضى ثلاثون يوماً على الموعد المحدد في المادة (123) من هذا القانون، دون أن تدعى الجمعية العامة للانعقاد.
2- إذا نقص عدد أعضاء مجلس الإدارة عن الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة (101) من هذا القانون، دون أن تدعى الجمعية العامة للانعقاد.
3- إذا تبين لها في أي وقت وقوع مخالفات للقانون أو النظام الأساسي للشركة أو وقوع خلل جسيم في إدارتها.
وتتبع في هذه الحالات جميع الإجراءات المقررة لعقد الجمعية العامة، وتلتزم الشركة بجميع المصروفات).
4. (محكمة التمييز المدنية- الدائرة المدنية والتجارية- طعن رقم 22 لسنة 2013- جلسة 23/4/2013).

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.