الأصل أن الأعمال تنتهى بنهاية المدة المحددة بين الطرفين لإنهاؤها، وأحيانا تنتهي بفسخ التعاقد من قبل أحد الأطراف أثناء التنفيذ، وأيضا قد يتمتع رب العمل بسلطة مميزة بصدد إنهاء عقد المقاولة بالإرادة المنفردة، وعلى هذا النحو تتعد أسباب إنهاء الأعمال إلا أنه تجدر الإشارة الى الفروق الجوهرية بين إنهاء الأعمال بشكل طبيعى سواء بإنتهاء مدتها أو تمام إنجاز الأعمال، أو إنهاؤها بإستخدام صاحب العمل إمتيازه وسلطته فى ذلك الإنهاء بإرادته المنفردة فى بعض الحالات لأسباب ترجع لعدة عوامل قد تتعلق بالظروف أو بالمقاول أو لمصلحة العمل،
إلا أن سلطة رب العمل لا تكون مطلقة فى كل الأحوال بخصوص إنهاء الأعمال، وكذلك بخصوص الطريقة أو الأسلوب المتبع فى هذا الإنهاء، بل يحد من سلطة رب العمل فى ذلك الشأن القوانين المتبعة بحسب نوعيات العقود أو الأعمال، والتي تنظم كل منها.

أولا: عن مفهوم فسخ العقد بشكل عام:-

 فمفهوم الفسخ هو حل الرابطة العقدية التي تجمع بين المتعاقدين وإزالة كل آثارها بحيث يصبح العقد منعدما كأنه لم يكن وقد نصت المادة (119) من القانون المدنى المصرى على انه:-

"في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف احد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الأخر، بعد إعذار المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك، ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الإلتزامات."

ومفاد نص المادة سالفة الذكر أنه لفسخ العقد يجب توافر ثلاث شروط:

  1. أن يكون العقد محل الفسخ ملزم للجانبين:

وهو أمر بديهي، إذ لا فائدة للدائن في العقد الملزم لجانب واحد من فسخ العقد بل يحقق مصلحته إبقاء العقد والمطالبة بتنفيذه، و أما مصلحة الدائن في العقد الملزم للجانبين فقد تقتضي فسخ العقد لأن الدائن في نفس الوقت مدين، وطالما بقيت العلاقة العقدية قائمة فهو مطالب بتنفيذه.

  1. عدم وفاء المتعاقد بإلتزاماته المنصوص عليها بالعقد أو أي منها:

فالفسخ هنا يتحقق كجزاء إمتناع المتعاقد عن تنفيذه التزامه، وبالتالي لا يحق للمتعاقد المطالبة بفسخ العقد بحسب الأصل إلا إذا أخل المتعاقد الأخر بإلتزامه والمقصود هنا بعدم التنفيذ هو الإنعدام الكلي للتنفيذ الإلتزام وكذلك التنفيذ الجزئي أو التأخير في التنفيذ، كما يكون متعاقد كذلك قد أخل بالتزامه ولو تعلق الأمر بالتزامات تبعية أو ثانوية.

3- وفاء طالب الفسخ بالتزاماته التعاقدية:

حيث أنه من غير المعقول أن يتمسك المتعاقد بفسخ العقد بسبب عدم تنفيذ المتعاقد الآخر لإلتزامه فى حال لم يبادر هو بتنفيذ ما عليه من التزامات، فيجب إذا ألا يكون طالب الفسخ مقصرا في تنفيذ التزامه وهذا يقتضي أن يكون قد وفّى بما تعهد به أو أن يكون على الأقل مستعدا للوفاء به.

وفي مجال عقود المقاولات فقد استقر الفقه على أنه يجوز لصاحب العمل بدلا من طلب التنفيذ العينى لإلتزام المقاول أن يطلب فسخ العقد، ويخضع الفسخ حينها لتقدير القاضي، وللأخير أن يقضي به اذا راى أن اخلال المقاول بالعقد جسيما.

 

وقد يقع  الفسخ إتفاقيا أيضا فى بعض الأحوال:-

- حيث نصت المادة (120) من القانون المدني المصرى على أنه:

" يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقق الشروط المتفق عليها وبدون حاجة إلى حكم قضائي "

وفي غياب صيغة قانونية معينة لشرط الفسخ الاتفاقي يتمتع المتعاقدان بحرية تامة في تحديد صياغته غير أنه لابد من مراعاة الشروط حتى تكون إرادتهما واضحة في هذا الشأن، حيث يتعين بالإضافة إلى وجود إتفاق صريح بين المتعاقدين يقضي بفسخ العقد عند عدم تنفيذ أحدهما لإلتزامه، يجب أن تنصرف إرادتهما إلى إستبعاد الفسخ القضائي، فالغرض من الشرط الفاسخ هو إستبعاد الفسخ القضائي أي تجنب السلطة التقديرية للقاضي، حيث للقاضي، حيث يقتصر دوره على معاينة مدى توفر الشروط التي وضعها المتعاقدان من أجل تحقيق الشروط، وتثبيت ذلك فالعقد يفسخ لمجرد تحقق الشروط هذا عكس ما يحصل في الفسخ القضائي إذ يبقى العقد قائما بصدور الحكم بالفسخ وهكذا فإن الحكم الذي يثبت فيه الفسخ الاتفاقي يعتبر مجرد حكما كاشفا له وليس منشئا.

 

- إلا أن الإتجاهات الحديثة فى الواقع أعطت حرية أكبر لصاحب العمل بخصوص سلطته فى إنهاء عقود الانشاءات التي يكون طرفا فيها بإرادته المنفردة وذلك  فى حالات كثيرة على النحو التالي بيانه:-

 

ثانيا: إنهاء العقد بالإرادة المنفردة فى عقود الإنشاءات:-

حيث تتعدد حقوق صاحب العمل التي تتقرر له بناء على عقود المقاولات الإنشائية، إذ يكون له الحق في تعيين المهندسين، والمقاولين والتعاقد معهم، وكذا يكون له إنهاء العقد، فضلا عن بعض الحقوق الأخرى، ومنها على سبيل المثال ما نبينه على النحو الآتي:

 حق صاحب العمل في إنهاء العقد:

إذا كان رب العمل باعتباره مالك المشروع هو من له القدرة على تقدير مدى جدوى مشروعه وملائته المالية في ظل استغراق تنفيذ أعمال المقاولة زمنا طويلا قد تتغير فيه الأوضاع والظروف، فإن له أيضا سلطة إنهاء العقد، وهى سلطة حصرية له وحده بمقتضى هذا العقد، وقد نظمت "الفيديك" الحالات التي يكون فيها لصاحب العمل الحق في إنهاء العقد بسبب بعض الأعمال المتعلقة بالمقاول، كما لم تغفل "الفيديك" حق صاحب العمل في إنهاء العقد اختياريا ودون وجود خطأ من قبل المقاول، وذلك على النحو الآتي:-

1- إنهاء العقد بسبب تقصير مقاول المشروع:

يكون لصاحب العمل إنهاء العقد المبرم بينه وبين المقاول متى قام الأخير بعمل من الأعمال الآتية:

أ - إخفاق المقاول في تقديم "ضمان الأداء"، أو عدم الإستجابة لإخطار التصحيح.

ب - تخلي المقاول عن تنفيذ الأعمال المنوط به عملها وذلك فى حالة إذا تبين عدم نيته في الإستمرار في تنفيذ إلتزاماته العقدية.

ج - إسناد المقاول كافة أعمال الملتزم بأدائها إلى مقاولين من الباطن دون الحصول على الموافقة بذلك.

د - تقديم المقاول أو عرضه لرشوة أو هدية أو منحة أو عمولة أو هبة مالية لأي شخص، كمقابل لقيام هذا الأخير بعرقلة تنفيذ العقد، بسبب إفلاسه او إعساره وعدم قدرته على تنفيذ إلتزاماته التعاقدية تبعا لذلك.

ويكون لصاحب العمل في حالة قيام المقاول بالعمل على وجه معيب، عدم الإنتظار الى نهاية مدة عقد المقاولة حتى يستعمل حقه في طلب التنفيذ العيني، ويكون له في تلك الحالة إنهاء العقد بالإرداة المنفردة و أن يقوم بهذا التنفيذ بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول.

2- إنهاء العقد بسبب لا دخل للمقاول فيه:

 بيد أنه  لصاحب العمل إنهاء العقد في أي وقت متى وجد أن ذلك يخدم مصلحته، بحيث أن يكون الإنهاء دون وجود سبب متعلق بالمقاول، ويشترط في هذه الحالة إصدار إخطار للمقاول يعلمه بذاك الإنهاء، ويعتبر أن الإنهاء قد تم بعد مرور 28 يوما من تاريخ تسلم المقاول لإخطار الإنهاء أو من تاريخ إعادة ضمان الأداء إليه من صاحب العمل أيهما أسبق.

  • نطاق إنهاء صاحب العمل للعقد بالإرادة المنفردة

اذا كان إنهاء العقد من قبل صاحب العمل حق خوله له القانون، الا أن ذلك مشروط بنطاق محدد وهو وجوب إظهار تلك الارادة قبل تمام المقاول للأعمال، ذلك أنه متى أتم المقاول العمل، فلا يكون هناك مجال لقيام صاحب العمل من التحلل من العقد، ويستطيع الأخير إنهاء العقد أيا كانت طبيعة العمل محل المقاولة، فلا يشترط أن يكون العمل ذا طبيعة معينة، ولا يشترط أن يكون محل المقاولة أعمال إنشائية.

  • حق المقاول في اقتضاء التعويض حال إصابته بضرر نتيجة هذا الإنهاء

إذا كان التقنين المدني قد أعطى لصاحب العمل سلطة التحلل من العقد بالإرادة المنفردة، فقد ألزمه أيضا بتعويض المقاول عن الضرر الذي يلحقه من جراء هذا الإنهاء، وفضلا عن الضرر الأدبي الذي يلتزم صاحب العمل بتعويض المقاول عنه كالتزام رب العمل الذي أنهى عقده مع المهندس المعماري بدفع أتعابه عن وضع التصميم وعمل المقايسة، وكذا تعويضه عن الضرر الذي أصابه في سمعته المهنية.

فان التعويض عن الأضرار المادية هو محل اهتمام لدى الفقه والقضاء وفقا لنصوص التشريع المدني، والذي بينته المادة (663) من القانون المشار إليه بالنظر الى العناصر التالية:-

  • المصروفات التي أنفقها المقاول في سبيل تنفيذ العمل، ويدخل فيها أثمان المواد التي اشتراها واستخدمها في العمل.
  • قيمة الأعمال التي أنجزها المقاول فعلا حتى الوقت الذي وصله فيه إعلان رب العمل بوقف تنفيذ المقاولة.

ج- قيمة ما كان المقاول يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل محل عقد المقاولة.

 

ومن جماع ما تقدم يتضح الفارق الجوهرى بين الفسخ و سلطة رب العمل فى إنهاء العقد بالإرادة المنفردة.

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.